التخطي إلى المحتوى الرئيسي

#قصة_فتح_دمياط_رؤية_من_كتاب_فتوح_الواقدي_المتوفي٢٠٧هجرية

 فتح دمياط 

قصة: الأمير الراهب الشهيد
جاء الفرسان الأربعون لحاكم المدينة يطلبون التسليم فنظر حاكم المدينة وأميرها إلي قلتهم واستهان بقدرتهم وظن عجزا بمن أرسلوهم فسولت له عزة النفس الرفض ،وخرج بجيش حاميته وعلى رأسه ولده الذي تتسامع الدلتا كلها بفروسيته ،فيبرز له عربي من الأربعين يدعى ضرار بن الأزور فيتبارزان وتتجالد السيوف وسرعان ما يُجَنْدَلُ هريرا بن البامرك صريعا وينخلع قلب الحاكم لموت فلذة كبده ودره عقد بنيه وأكبرهم ،وفي تلك اللحظة تهوي روح جند المدينة المعنوية ويشن الأربعون الفرسان هجوما يلجئون جنود المدينة للاحتماء بالجدران ، ويصدر أمر البامرك الأمير بالانسحاب خلف الأسوار والاحتماء بها حتى يقر على قرار .
يدفن الحاكم ولده ويعقد مجلسا للحرب ، يشاور ويحاور ،أيرسل لقرى ومقاطعات إقليمه لجمع الأعوان والأتباع ،أم أن الأمر أيسر ،لا زالت دماء الرجل تفور وتعطشه للانتقام لا يرويه شيء ،استشار فيمن استشار حكيم بلاطه الديرجان ،إنه رجل حكيم عاقل ،فقال له :
ما ترى في الأمر يا ديرجان ؟!
الديرجان : إئذن لي يا مولاي البامرك المعظم ، الرب يعزيكم في فلذة الكبد ودرة العرش فارسان هريرا .
_ يا مولاي إن "هؤلاء القوم لا تذل لهم راية ولا تلحق لهم غاية قد فتحوا البلاد وأذلوا العباد واشتهر أمرهم وعلا ذكرهم وفشا خبرهم وعلت كلمتهم وطافت الأرض دعوتهم فما أحد يقدر عليهم ولا يصل إليهم وما نحن باشد من جيوش " الإمبراطور "ولا امنع بلدا وهؤلاء القوم قد أُيِدُوا بالنصر وغلبوا بالقهر وإن الرحمة في قلوبهم فعاهدهم فما عاهدوا عهدا وخانوا وما حلفوا يمينا فكذبوا وقد بلغك ما هم عليه من الدين والصيانة والصدق والأمانة والرأي عندي أن تصالحهم لتنال بذلك الأمن وحقن الدماء وصون الحريم ودفع الأمر العظيم ونكون قد صالحناهم ودفعناهم بشي من مالنا"
وقبل أن يتم الحكيم كلامه أعمل البامرك سيفه فيه وقال
_ أنستسلم و نخضع وقد قتلوا ولدي !! آه يا هريرا. يا ولدى آه آه فديتَ أمثال هذا الجبان ! .!
_ينطق الديرجان بكلمات يعلن بها إيمانه بما يدعوا إليه الأربعون . ولأجل نشره هم قادمون .
_يعلو صوت البامرك ويصيح في المجلس إنه خائن نال عقابه فلا هو ناصح ولا أمين .
تُحمل جثه الحكيم لتدفن ، ويُخْبر أهله بما جرى ، يتحامل ولد الحكيم ليعلن أمام مندوب الأمير الذي جاء لبيت الديرجان الحكيم ليعلمهم بما كان ، يتحامل الفتي على نفسه ليظهر تمام الرضا بما صنع الحاكم الأمير ، وإن قلبه الصغير حجما يحمل هما عظيما و كذا عقله الكبير يدبر لأمر خطير . ينصرف مندوب الأمير ليخبر سيده الحاكم الهامرك بما كان فيرسل الهامرك بعطايا وهبات للولد لتسكين الآلام ولتزول الضغائن .

يقبل الولد عطايا الأمير التي يشتم منها دم أبيه وفي نفسه أمر عظيم يخفيه .
يسود الظلام وتهدأ البلدة ويخلد الجميع للنوم إلا ضوء ينبعث من بيت على أطراف المدينة مغلقة الأبواب ، يلاصق سورها ومن هذا البيت ينبعث بين الفينة والفينة صوت ثقب للجدار الذي يتاخم سور المدينة وينقب الفتى نقبا في السور داخل داره لينفذ منه لخارج المدينة ،منطلقا للأربعين ، فلما يصل إليهم يعرفهم بنفسه ويخبرهم بما كان ويدعوهم لدخول داره واعدا إياهم بالمعونة ومعلنا لهم إيمانه بما يدعون إليه .
ينطق قاتل هريرا
_ :
"يا ويلك وإن الذي بعثك بهذه الحيلة أراد قتلك أما علمت أن الحذر شعارنا واليقظة دثارنا " وهم بقتله فعلا صوت يقول
:"أمهل يا ضرار وفقك الله إلى الخير وةوقاك الألم والضير"
فإذا صوت أمير الأربعين المقداد ابن الأسود الذي استطرد قائلا
_ "إني رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في المنام وهو يشير إلى شخص بين يديه وكأنما يقول على زي هذا الغلام وكأنما أتأمل إلى هذا الغلام فرأيته على ما هو عليه الآن وكان على وسطه منطقة من الأديم وفيها حلق فضة وهي تحت أثوابه".
ينادي المقداد قائلا ": يا غلام اكشف عن أثوابك "
_ فكشف عن أثوابه
وإذا المنطقة بعينها فيقول المقداد والغلام في نفس واحد :
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله {صلى الله عليه وسلم }
فقام إلي الغلام الأربعون المسلمون "فصافحوه ومضى الغلام أمامهم إلى أن دخل بهم النقب ووسعوه بأيديهم حتى دخلت خيولهم ثم ردوا الحجارة والطين والبناء على حاله وأعمى الله أبصار القوم عنهم
فلما كان الغد بحث الحاكم الأمير البامرك ورجاله عن عدوهم ، "فلم يروا للصحابة أثرا ولا خبرا فضجوا وماجوا وقالوا: هربت العرب وتناقل العسكر الخبر ،و خرجوا من البلد ليقفوا على صحة الخبر ولم يبق في البلد سوى النساء والاطفال .
وفي وسط الصخب والفرح والصياح كان الغلام يطوف على بني عمومته الثمانين يدعوهم للانتقام لأبيه ويخبرهم بما كان وبما قصه أمير الأربعين من رؤياه الرسول الأمين وبما تحقق من صدقه بنفسه ، فتبعوه وانطلقوا لأبواب البلدة فأغلقوها وجل الرجال وجميع الجيش بالخارج ، وفجأة يخرج الفرسان الأربعون وعلى أبواب المدينة وأسوارها الرجال الثمانون وفي وقت واحد يكبرون و ربهم يدعون وعلى نبيهم يصلون فترجف المدينة ويعلم أهلها أن الفرسان قد ملكوها
يقدم الأمير الحاكم الديرجان على فرسه وعن يمينه ولده فلذة كبده الذي انقطع للعلم وأوشك أن ينقطع في صومعته للعبادة والتبتل ولكنه منعه من شدة حبه له
فوقف الملك ينظر إلى ما فعله الصحابة فأيقن بزوال سلطانه وابنه ينظر من جواره إلى الصحابة و زيهم والى نور الإيمان وهو ساطع منهم." فشخص شطا نحو السماء ببصره وصاح وسقط عن قربوس فرسه بوجهه ، فارتاع أبوه وجميع عسكره من تلك الصيحة فلما أفاق قال له أبوه
: يا بني ما وراءك؟
قال: أظهر الله لي الحق فبان وقد تبينت لي حقيقة الإيمان وقد نظرت إلى عسكر هؤلاء العرب وعليهم نور عظيم
وقد رأيت كأن معهم رجال عليهم ثياب خضر وهم على خيول شهب وبينهم قبتان معلقتان في الجو بلا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها وفيها رجال ما رأيت أحسن من وجوههم ولا شك أنهم الشهداء ورأيت في إحدى القبتين حورا لو برزن لاهل الدنيا لماتوا شوقا اليهن وإن الله تعالى ما كشف عن بصري وأراني ذلك إلا وقد اراد لي الخير وما كنت بالذي بعد هذه الرؤيا أبقى على الضلال ولا أتبع المحال وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله
وحرك جواده وقال من أحبني من رجالي وغلماني فليتبعني قال فتبعه القوم الف رجل ولحقوا به .
وقف الديرجان يحدث نفسه بما فعله ولده شطا ثم
قال: والله ما فعل ولدي شطا ذلك إلا وقد رأى الحق ولست أشك في عقله ودينه فأسلم الديرجان ولحق بولده
فوقف رجال الديرجان و قالوا: إذا كان الملك وولده قد أسلما فما وقوفنا نحن فاسملوا جميعا على يد أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم }ودخلوا المدينة.
وأمر المقداد بن الأسود قائد الأربعين صحابيا الفاتحين بثقب نقب السور الذي دخل منه الصحابة وأمر ببنائه بابا فسماه باب اليتيم وهو ابن الحكيم وترك المقداد رجلا من الصحابة يعلمهم شرائع الإسلام وهو يزيد بن عامر رضي الله عنه ورجع المقداد وأصحابه إلى الإسكندرية .
قصة: الأمير الراهب الشهيد (٢)
وتمر الأيام ويزيد بن عامر يعلم الناس الدين الجديد
وفي قصر الحكم في دمياط يخاطب الحاكم البامرك ولده الأمير شطا قائلا :" يا بني إن الله قد أنقذنا من نار الجحيم وقد هدانا إلى الصراط المستقيم وذلك لسابقة سبقت لنا في القدم وهذه تنيس بالقرب منا وهي جزيرة ولا يمكن " الوصول " اليها إلا في المراكب والصواب أننا نكاتب صاحبها أبا ثوب وندعوه إلى الله والى دين نبيه فإن أجاب وإلا قصدناه والله ينصرنا
شطا : "هذا هو الرأي وأنا أكون الرسول إليه بنفسي "
فقال:" يا بني اعزم على بركة الله وعونه"
يركب شطا في مركب و قد أخذ معه أربعة من غلمانه الخواص. وقبل الإبحار يرتفع صوت ينادي
-:وأنا أسير معكم إلى صاحب تنيس ،
ينظر شطا لمصدر الصوت فيجده يزيد بن عامر
شطا :يامرحبا
يزيد يحدث شطا
_ فإنه لو سألك عن ديننا ومعالمه لم يكن عندك به علم بأن تكلمه ونحن بحمد الله ما فينا من يتكبر ولا من يتجبر وما طلبتنا إلا الآخرة والعمل بما يقربنا إلى الله
يقص شطا على يزيد بن عامر قصة أبي ثوب
:
...كان أبو ثوب هذا من أرض العريش من متنصرة العرب من آل غسان وهو قريب جبلة وكان صاحب مال ورجال وإنه لما وقعت الهزيمة على الروم وفتح الله الشام وانهزم الملك هرقل وهرب معه جبلة هرب معهم أبو ثوب هذا بماله وأهله واخوته إلى أرض الجفار ونزل في البرية ما بين العريش ورفح وإن المقوقس قيرس خرج في بعض الايام يريد الصيد في عسكره فانتهى في سرحته إلى أرض العريش فانطرد قدامهم وحش كبير فطلبه الملك وتبعه ولم يتبعه أحد من عسكره وهو وراءه وحده إلى أن رماه في حلل العرب في حلة أبي ثوب فقام إليه وعظمه وبجله وعلم أنه الملك فامسك ركابه وأنزله في بيته وذبح له الاغنام ووضع له الطعام وتلاحق الجيش قال فأضافهم أبو ثوب ثلاثة أيام فلما كان في اليوم الرابع ركب في خدمة الملك وشيعه وعاد فلما دخل المقوقس إلى مصر أمر وزيره بأن يكتب إلى أبي ثوب بولاية تنيس وأعمالها وأرسل له الخلع والاموال والمماليك والغلمان فلما وصل إليه منشور الملك وخلعه فرح أبو ثوب وركب وسار إلى الفرما وركب منها في المراكب إلى تنيس فلما مكث في ولايته بعث إلى أهله واخوته فأتوا إليه فولى أخاه أباسيف على جزيرة الصدف وولى أخاه الثاني أبا شق على جزيرة الطير وولى ولده على دنيوز فلما طال عليه الامر طغى وتجبر ومرت الأيام والليالي حتى قدمتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرضنا مصر ومن يومها منع دفع ما عليه للمقوقس وولده ورأى نفسه في تلك الجزيرة فتحصن بها وقال: ما أحد يقدر أن يصل الي.
...........
تصل المركب إلى جزيرة تنيس
يظهر رجال أبي ثوب حاكم تنيس ينظرون إلى شطا وغلمانه وبينهم رجل بدوي
يقول أحدهم مخاطبا شطا ومن معه : من أنتم ؟
شطا يجيب : شطا أنا ابن الملك البامرك صاحب دمياط ومعنا هذا الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جئناكم رسلا
يرد الرجل التنيسي : انتظروا نستأذن لكم ثم يرسلون منهم واحدا يستنأذن لهم .
شطا يخاطب يزيد : منذ نزل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصر و أبو ثوب منع المال والخراج أن يؤديه للمقوقس وولده وقد اجتمع عنده من ذلك مال عظيم، . ويقطع الحوار عودة الرجل الذي ما لبث أن عاد فقد أذن لهم أبو ثوب ، فينزلون من الزورق وإذا بأبي ثوب قد أرسل لهم دوابا ليركبوها، فيمتنع يزيد من الركوب ويوافقه شطا على ذلك ويسرون كلهم راجلين إلى أبي ثوب، فيزيد لا يركب هو وشطا دون البقية ، و الدخول راكبين فيه خيلاء يأباها من يريد الآخرة ، سرعان ما يصلون فيستأذنون عليه ، فيأذن لهم ليدخلو قصر أبي ثوب ،وإذا به في حشمه وخدمه وزينته والحجاب والغلمان بين يديه وهو في مرتبه إمارته وكان قد تكبر وتجبر.
فلما دخل عليه يزيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشطا وغلمانه ونظروا إلى أبي ثوب وغلمانه وتجبره بدأ يزيد بالسلام
: فقال السلام على من اتبع الهدى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه:48] .
أبو ثوب يظر العجب بنفسه والتكبر على شطا ويزيد ولاينظر إليهم ولم يلتفت .
من في مجلسه لا يجرؤ واحد منهم أن يأذن لهم بالجلوس ، يزيد بن عامر يقلب بصره في رجال المجلس ويقرأ: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] ثم يجلس ويجلس إلى جانبه شطا
وينظر يزيد إلى سرير أبي ثوب فإذا هو من الذهب ووفيه صورة النخلة ومن تحتها صورة مريم والمسيح في حجرها فيقرأ: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً} [مريم: 24 , 26] إلى قوله: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً، وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً، وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً، وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} [مريم: 30 , 33]
يسمع أبو ثوب كلام يزيد فيلتفت إليه بغضب وحنق ويقول: "ما هذا الكلام الذي نطقت به" ؟
يزيد :"هذا كلام الله جل جلاله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا تفنى عجائبه ولا تنفذ غرائبه ولا تبدل كلماته ولا تمل آياته
أبو ثوب مستفهما : ما معنى الذي ذكرت ونطقت به وما تفسيره ؟
يزيد:" أما قول الله اخبارا عن عيسى حين قال: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} فإنه يُعْلِمُ الخلقَ أنه عبد الله وليس بولد جل الواحد الأحد الفرد الصمد وأما قوله: {آتَانِيَ الْكِتَابَ} فمعناه أعلمكم الاحكام وأعرفكم الحلال والحرام وأما قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} فمعناه أني مأمور بالطاعة والخدمة والزكاة مثلكم فإن في مالي حقا لله وأما قوله: {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ} فيعلمهم أنه يموت ومن يموت لا يكون له العزة والجبروت وأما قوله: {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} فيعلمهم أنه وإياهم مبعوثون في يوم القيامة وقوف يوم الحشر والندامة ولو كانا الهين لكان لهما ارادتان ووقع الخُلْفُ بينهما وإن الحكمة غير ذلك وهي على وحدانيته شاهدة
أبو ثوب: لقد مثلتم بالاباطيل وغرقتم في بحر الاضاليل
يزيد: الله أعلم من هو تائه في تيه المحال مشرك بالملك المتعال الذي لا سماء تظله ولا أرض تقله ولا ليل يؤويه ولا نهار يأتيه ولا ضياء يظهره ولا ظلام يستره ولا يقهره سلطان ولا يغيره زمان كل يوم هو في شان أما لكم بصائر أما منكم من ينظر ويعتبر في قدرة الله القادر اما منكم من يعظ نفسه بذهاب النهار وإقبال الليل، اما آن لكم أن تنزهوه أما آن لكم أن توحدوه أما سمعتم ممن تعبدونه وتبرؤن إليه وتعظمونه فإن المسيح قد أقر له بالعبودية وتبرأ من دعوى الربوبية وقال إني عبد الله ولقد بشر بنبينا قبل مبعثه وعرف بني إسرائيل بقربه من الحق وكرامته أما سمعتم بمعجزاته وما ظهر من دلالاته أما انشق له القمر أما كلمه الضب والحجر أما خاطبه البعير والشجر أما هو من أطيب بيت
يعجز أبو ثوب عن رد الجواب ولم يكن له ما يزيل حجته إلا أن قال ليزيد بن عامر: لقد علمنا ما فعل ولكنه كان ساحرا وإن كان قولك هذا حقا فادع الله وتوسل إليه بمحمد أن يسقينا الغيث فإن جاء الغيث علمنا أن قولك ليس فيه شك ونؤمن بالله ونصدق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
يرد يزيد بن عامر قائلا : إن الله يقدر على ما ذكرت فإن الله على كل شيء قدير و إن العبد المخلص إذا دعاه أجاب دعوته ولكنه يفعل ما يشاء وأنا أتوسل إلى الله بخير خلقه وصفيه وهو الفعال لما يريد
ثم يقوم يزيد ويخرج من مجلس أبي ثوب
فقال له أبو ثوب : إلى أين ؟!!
يزيد : أدعو الذي لو شاء أنزل عليكم رجزا من السماء ثم يقرأ: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الروم:29] .
شطا يحدث يزيد وهم في انصرافهم : إنما طلب أبو ثوب الغيث واقتصر عليه لانه له مزرعة بالبعد من النيل ولا يقدر أن يسقيها ولا يصل اليها ماء و قد أشرفت على الهلاك واليبس و هي منه ببال وقد غرس فيها من جميع الثمار والاشجار وصنع لها مصانع تمتلىء بماء المطر فيسقيها وقت الحاجة اليها والمطر قد أمسك عنها والمصانع نشفت
يصل شطا و يزيد إلى البحر فيتوضأ يزيد ويصلى ركعتين ثم يرفع رأسه نحو السماء ويقول
: اللهم إنك قد أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالاجابة فقلت وأنت أصدق القائلين: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] وقد دعوت كما أمرت فاستجب كما وعدت يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصيه غيرك ...
يظل يزيد يدعو فإذا السحاب يرتفع من الجو ويقف وقفة الخاضع ويرفع جناح السائل وترتفع سحابة وتتألق والرعد يصول حولها صولة الغاضب وهو لها بصوت البرق يزجر بصلصلة وقعقعة وهرير وهو على ذلك سيره ومسيره و تحيط بالسحابة ملائكة الرحمة متمنطقة بنطاق الخدمة يسوقونها من خزائن رحمته ويجذبونها بأزمة القهر إلى ملك ابديته وهو واضع أجنحة عبوديته موسوم بوسم: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد: 13] والركام يسري ويسرع اسراع الوجل يسبح من يسجد لجلاله: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [النور: 43] فتشرف وتتكامل بالماء وتتسق والبروق من أركانها تنشق وتهب عليها رياح قدرته من مواضع خزائن رحمته: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57] فتفتح مغاليق أبوابها وترفع ستر حجابها وتهمي بدموع أشجانها على أيدي خزانها فتستبشر الأرض عند ورودها وتنتظم عقود الزهر عند ورودها في جيد وجودها وتخرج كنوز ذخائرها: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: 50] ويستمر نزل المطر يسكب بقية يومهم وليلتهم
اليوم التالي يحضر يزيد بن عامر مجلس أبي ثوب ويقول لهم: كيف رأيت صنع الله الصانع المتكفل بأرزاق العبيد
يضحك أبو ثوب ويقول:" أن سحركم لعظيم وإن مكركم لجسيم وإن سحركم يفعل أكثر من هذا "
يزيد : إنما ذلك رحمة من الله قد أبر من أقسم باسمه عليه
يرد أبو ثوب في دهاء : الآن تحققت أن دينكم الحق وقولكم الصدق وأنا مؤمن بالله ومصدق برسالة رسول لله صلى الله عليه وسلم وسوف أعرض دين الإسلام على أهل جزيرتي وأصحابي وأهلي وأبني المساجد وآمر بالمعروف.وأنهي عن المنكر !!!
يرد يزيد:" إن أنت فعلت ذلك رشدت وإن نافقت فإن ربك لبالمرصاد"
ثم يخرج من عنده هو ومن كان معه (شطا وغلمانه) ويمضون إلى دمياط إلى البامرك
قصة: الأمير الراهب الشهيد (٣)
يدخل شطا ويزيد بن عامر على البامرك ويحدثوه بما كان من أبي ثوب
البامرك : والله لقد خدعكم بخديعته ورماكم بسهم مكيدته يرد يزيد بن عامر: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:54] .
بعد ايام قلائل يصل الخبر أن أبا ثوب جمع من سائر الجزائر وهو قادم علينا ، يسمع البامرك بذلك فيقول ليزيد بن عامر
: ما الذي ترى من الرأي في أمر هذا العدو
يزيد :نستعين بالله ونتوكل على الله ومن قاتلنا قاتلناه.
البامرك يرسل ولده شطا إلى البرلس ودميرة وطناح ومن تحت يده يطلبهم فيأتون من كل جهة
ويكتب يزيد إلى عمرو بن العاص يعلمه أن أبا ثوب قد جمع الجموع ،فيرسل عمرو إليهم هلال بن أوس بن صفوان بن ربيعة أحد بني لؤى ومعه الف فارس ويأمره بالمسير إلى دمياط(*)
يدخل جندي على البامرك
الجندي:سيدي ،إن أب ثوب قادم بعشرين ألفا من الجند وخمسمائة فارس
البامرك : هل كلهم من مصر ؟!
الجندي :من مصر ومنتصرة العرب سيدي ، وهم قادمون نحونا في المراكب
شطا : إذا نخرج لنلقاهم خارج المدينة عتد شرقها من الشمال .
على رمال ذهبية مختلطتة بلون الفضة الرمادية ،في تلك المنطقة الساحلية على شاطئ البحيرة ، تصطف الصفوف ويحتشد الفريقان
يخرج شطا بن البامرك فيقتل رجالا ويجندل أبطالا لإنه اشترى الجنة من الله بنفسه ولم يزل يقاتلهم بقية يومه
لا يمنعه من الضرب والطعن إلا الصلاة ، فلما غربت الشمس أفطر ، وتقبل ناشئة الليل فيقف يناجي ربه ،كل ذلك وهو منكس الرأس من الخجل من الله تعالى عز وجل ويمضى أكثر الليل ويطلع نجم سهيل فيضطجع ويقدم وقت الغلس ويقترب الصبح ويتنفس فيستيقظ شطا وهو باكي العين
البامرك : يا بني ما الذي يبكيك
شطا : رأيت شيئا في منامي أبصرته وسمعت منه كلاما وعاينته وحفظته وحررته .
والدنيا هي طالق وإني بعون ربي واثق ولا شك أني لك مفارق.
البامرك : أعوذ بالله يا بني ما هذا الكلام ولعل ذلك أضغاث أحلام.
شطا: لا والله ما هي أضغاث أحلام لكنه أمر من الملك العلام الذي أجرى الاقلام وخلق الضياء والظلام وبعث سيد الانام بشرائع الإسلام وإني رأيت في منامي كأن أبواب السماء قد فتحت، وأنوار الهداية قد سطعت ولمعت ،ثم تفتحت أبواب السماء الثانية ثم رأيت ملائكتها سجودا على جباههم لا يقومون وركعا لا ينتصبون وقياما من هيبة ربهم لا يقعدون وباكين لا تجف لهم دموع ثم كذلك رايت سماء بعد سماء إلى السماء السابعة ثم رأيت قبة من زمرد أخضر وفيها قناديل من الجوهر وهي تسرج من الانوار وتوقد من غير نار وفيها أربعون حوراء عليهن حلل ما رأيت قط مثلها ولا أبصرت شكلها بوجوه تفتن الإنس وفي أرجلهن نعال الياقوت الأحمر يطأن بها على النمارق والزرابي،فصاحت بي احداهن وهي كبيرتهن وقالت يا مفتونا بدار الدنيا أما آن لك أن تذكرنا فقد خلقناالله لك منذ خلقك وجعل مهرنا منك الجهاد في مرضاة رب العباد، وقد الفت الجفاء وما هكذا صنع أهل الوفاء انظر إلى ما أُعدَ لك وللشهداء .فتيقظ من المنام وارحل إلى دار السلام
فنظرت وإذا بقباب معلقة حيث لا يدرك لها نهاية بعدد النجوم وقطرات الغيوم وقد نفد الميقات وانقضت الساعات والأوقات .
ثم قالت لي : في كل قبة مثل ما رأيت
فقلت :ما هذه القباب ؟
فقالت: هذه قباب قوام الليل والشهداء يأوون اليها في جنة المأوى
ثم جعلت تقول:
أنت يا مفتون دواما. ... في الدنا ثم المنام.
........
....دع النوم وبادر. ... مثل فعل المستهام.
وابك بالوجد دواما. ... بدموع وانسجام. .
ثم نح ياذا كثيرا. ... في نهار وظلام.
ايها اللائم دعني. ... لست أصغي للملام.
في عروس قد تبدت. ... فاقت البدر التمام.
طرفها يرشق باللحظ. ... مصيبا كالسهام.
.ولها صدغ منير. ... مثل نون تحت لام.
احسن الاتراب قدا. ... في اعتدال وقوام
مهرها أن قام ليلا. ... وهو باك في الظلام.
ياعمادي ورجائي ... ومنائي والمرام
فاستمع مني قولي ... ثم فكر في النظام
وغداً بادر لحرب ... وإلى ضرب السهام .
مسرعا تاتي الينا. ... بعد ترحال الظلام.
-----------------------
فقال البامرك :اعلم يا ولدي أن من المنام ما يصدق وما يكذب فلا تشغل نفسك بما رأيت .
فقال شطا : لا والله يا أباه ما بقي لي في الدنيا طمع .
ولم يزل باقي ليلته يبكي ويتضرع ويقوم على أقدام الخشوع ويخضع وأجفانه بالدوام تدمع إلى أن أصبح الصباح وأشرق بحيائه ولاح
يودع شطا اباه وأهله ويخرج إلى الحرب فيتعلق به أبوه ويقول له: يا بني بحقي عليك لا تبلني بفراقك.
فيقول شطا: دع عنك العتاب فقد قرب لقاء الأحباب.
فلما قال ما قال قامت على ابيه المواسم وانهل الدمع الساجم ودنا الفراق وقامت الاشواق وجرى دمع كل عين وأقبل البامرك يودع ولده
ويقول: يا بني أن صح منامك وضربت في دار السلام خيامك فاذكرنا بحسن طريقة الوفا وأقرىء سلامي على النبي المصطفى .
فيبرز شطا إلى الحرب ويدعو للمبارزة فيخرج إليه واحد فقتله وثان وثالث حتى يقتل اثني عشر فارسا.
و أبو ثوب ينظر ما يفعل شطا بفرسانه فلم يطق الصبر دون أن يخرج إليه بنفسه وكان من الفرسان
يسير شطا في الميدان فيقول له أبو ثوب
: يا شطا كيف تركت الدين المستقيم وعدلت عنه وصغيت إلى هؤلاء اللئام واتبعت دين الإسلام لقد عمل فيك القوم واستوجبت العتب واللوم يا فتى عد إلى الدين الصحيح والقول الرجيح وهو دين المسيح فأي شيء رايت من هؤلاء المساكين حتى تبعت دينهم.
يرد شطا على أبي ثوب: يا لئيم أتأمرني أن أدع الدين.
المستقيم الذي كان عليه الخليل والكليم، وإني لي بذلك.
وقد رأيت الليلة مالي من الكرامة عند الله وقد طلقت الدنيا ثلاثا .
فيحمل أبو ثوب عليه ومد سنانه إليه فتيلقاه شطا بقلب قوي وجنان جري ء وعزم مضيء وحسام سري فتقاتلان نصف نهار ،فيعطش شطا ويريد الله أن يطيب قلبه فكشف عن بصره فرأى القبة التي رآها في المنام والحوراء التي أنشدته الأبيات وفي يدها كأس من شربها لا يفنى ولا يسقم وفيه من الرحيق المختوم وهي تقول
: يا شطا هذا شراب من شرب منه لا يسقم ولا يفيق والساعة تصل الينا وتقدم علينا .
ينظر شطا إلى ذلك ويسمع منها ما قالت ويصيح
: الله أكبر {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يّس: 52] وأخذه الدمع والبكاء خوفا من الله
فيقول له ابو ثوب: مم بكاؤك؟
قال :رأيت كذا وكذا
فيضحك أبو ثوب من كلامه ويحمل عليه فتقاتلا قتالا شديدا أعظم من الأول ويسبق أبو ثوب شطا بطعنة في صدره فيطلع السنان من ظهره فيخر صريعا
ينظر البامرك إلى ولده مطروحا فلا يأخذه صبر ، ويهجم بمن معه وتظلم آفاق تلك الأرض من الغبار وترادف القتار.
وتقع الهزيمة على البامرك وأصحابه فيلتجئون إلى أبواب دمياط .
ويطمع فيهم أبو ثوب.
وإذ هم كذلك فيطلع عليهم هلال بن أوس بن صفوان بن ربيعة بالجيش الذي أرسله عمرو بن العاص فيضعوا أيديهم في أبي ثوب وأصحابه وهم ينادون بالتهليل والتكبير ويتحامي أصحاب البامرك ويحملون من قبلهم
فييأس أبو ثوب وأصحابه من أنفسهم ،ويلتقى يزيد بن عامر بأبي ثوب فيقول له
: يا عدو الله أما اتعظت بآيات الله أما ظهر لك الحق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطبق عليه ويأخذه أسيرا .
ويصيح الصائح أن أبا ثوب أسر فيستسلم بعد ما قتل منهم خلق كثير
.
يقبل يزيد بن عامر و هلال بن أوس على البامرك فيعزونه في ولده شطا
فيقول البامرك : احتسبته عند الله
يزيد بن عامر: إن في الجنة درجات لاينالها إلا الصابرون قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155, 157] .
ويدفن شطا في ثيابه بعد ما الصلاة عليه ويدفنونه في موضع قتله (#)
تشرق شمس اليوم التالي فيقبل البامرك إلى يزيد بن عامر ويقول :رايت الليلة ولدي في النوم وهو في القبة والحور بين يديه .
فقلت :ما فعل الله بك قال قبلني بأحسن قبول وجاد علي وأنزلني بجوار الرسول.
وفي ذات الوقت كان هلال بن أوس يحضر أبا ثوب ويعرض عليه الإسلام.فيسلم ويسلم من الأسرى أناس ويابى منهم أناس ويبقون على دينهم وتقرر عليهم الجزية ويدخل المسلمون في المراكب إلى تنيس ويبنون جامعا ويبنون في جميع الجزائر جوامع وبخرج ابو ثوب الخمس من ماله وأموال قومه ويبعثونه إلى عمرو بن العاص مع أموال من قتل وينزل هلال بن أوس على التل الأحمر بظاهر تنيس ويقر أهل الجزائر في أماكنهم فيقولون له
: أيها الأمير قد أمنتنا من جانبك وبقي علينا الخوف من جانب آخر قال
فيقول هلال: من أين؟
قالوا: من أصحاب القلعة المسماة الفرماء
قال: وأين هي؟
قالوا: على جانب بحيرة تنيس مما يلي شرقها
وفيهم أقوام وعليهم الصامت بن مرة من آل مرداس ،
يتجه هلال بن أوس إليها بجميع من معه ويصلون إليها يشرف عليهم الصامت بن مرة ويأمر أصحابه أن يرموهم وكان بها ألف رجل وغالبهم رماة النبل فيرموا عن قوس واحد ألف سهم فسمعتها العرب من الفرماء فأقام عليها هلال بن أوس عشرين يوما فلم يقدر عليها فبعث إلى عمرو يعلمه بما وقع ويستنجده فارسل إليه المقداد ابن الأسود الكندي في خمسمائة من عسكر الإسلام وأرسل معه ثلاثة آلاف ممن أسلم من القبط فينزل المقداد على الفرماء وتأهب أهلها للقتال ثم يدرك الصامت بن مرة أنه لابد أن يطلب الصلح ،فيصالحه المقداد على أن يؤدي لهم اربعة آلاف مثقال من الذهب وأربعمائة ناقة وألف رأس من الغنم وإن يمهلوه إلى تمام السنة فإن شاء دان إلى الإسلام والا ارتحل بأمانه فأجابه المقداد إلى ذلك وارتحل المقداد وهلال بن أوس ونزلوا على البقارة وكان عليها بن الأشرف فاسلم هو ومن معه ومضوا إلى القصر المشيد ففتحوه صلحا ثم ارتحلوا ونزلوا على الوردة وكان اسمها الواردة فسلمها أهلها وارتحلوا إلى العريش فصالحهم أهلها وكذلك أهل رفح وبيدا ومياس ونخلة وعسقلان.
------------------
(*) وذلك في العشر الاول من شعبان سنة عشرين من الهجرة وكان لعمر بن الخطاب في الخلافة أربع سنين ونصف
(#)قتل شطا في ليلة نصف شعبان فجعل له تلك الليلة موسما في كل سنة وذلك انه لما يبق أحد إلا زرا قبره تلك الليلة.
------
مصدر القصة
كتاب فتوح مصر والشام والإسكندرية لابي عبد الله محمد الواقدي المتوفى ٢٠٧هجرية . وأقدم نص طبع لهذا الكتاب هو طبعة ليدن بهولندا بعناية هنريك آرند همقر ١٨٢٥م
وهذه صور من مخطوطة محفوظة بمكتبة هولندا. يعود تاريخ نسخها إلى ٨٤٠هجرية .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

  #الأصوات_العربية_الشائعة_في_لغات_العالم إذا نظرنا إلى الأصوات التي تمثلها الحروف العربية، يمكننا أن نجد ما يلي : صوت الألف (A/ الفونيمات الصائتة المفتوحة ) : النسبة التقديرية للغات التي تحتوي على صوت قريب : 100% اللغات الموجود بها : جميع لغات العالم تقريباً تحتوي على أصوات صائتة (حروف علة) مثل صوت "أ" في كلمة "أب" أو "آه". (مثال: الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية، الصينية، الهندية، الروسية، اليابانية، وغيرها الكثير) . صوت الباء (B/Bilabial Plosive) : النسبة التقديرية للغات التي تحتوي على صوت قريب : 99% اللغات الموجود بها : هذا الصوت شائع جداً وموجود في معظم لغات العالم. (مثال: الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية، الصينية، الهندية، الروسية، اليابانية، وغيرها) . صوت الميم (M/Bilabial Nasal) : النسبة التقديرية للغات التي تحتوي على صوت قريب : 99% اللغات الموجود بها : صوت "م" أيضاً منتشر عالمياً. (مثال: الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية، الصين...

#النبي_يوسف_هل_جسده_داخل_المتحف_المصري؟! الجولة ٢٠ في المتحف المصري

النص 0:00 ارحب بكم لعلك تماثلني لديك شغف وولع بالحضارة المصرية القديمة لن تجد مكانا 0:07 يتمتع بثراء المتحف المصري بالتحرير ذلك المتحف الذي ظل لنحو 0:12 125 سنه تُحمل اليه نفائس 0:22 الاكتشافات الأثرية 0:24 اتحدث اليوم عن شخصين زوج وزوجه يقال هما النبي يوسف عليه السلام وزليخه 0:29 وهناك نظريه يرى فيها باحث وعالم المصريات الدكتور احمد عثمان ان يويا هو نفسه النبي يوسف 0:37 وقد نشر كتابا بعنوان غريب في وادي الملوك تناول فيه هذه النظرية 0:43 هذا هو يويا وهو رجل وهذه هي تويا او ثويا بالإنجليزية في عام 1905 ميلاديا تم العثور على مقبره يويا في وادي الملوك بطيبه بالمقبرة رقم 46 بواسطه 0:56 تيودور ديفيز وحضر الكشف عنها جستون ماسبيرو الذي كان يشغل منصب مدير المتحف المصري 1:02 نبدا بويا وُلد يويا في القرن 15 قبل الميلاد وتوفي في القرن 14 قبل 1:09 الميلاد تقريبا ما بين 3500 سنه الى 1:14 3400 سنه من الان هو عصر الأسرة الثامنة عشرة 1550 قبل الميلاد الى 1:22 1292 قبل الميلادي وهي الفترة التي شهدت ازدهار الحضارة المصرية 1:28 القديمة جاء يويا من مدينه اخميم يعتقد انه كان ذو مكانه فيها وصاحب 1:35 املاك ...

نفرتيتي سيرة تفاعلية

نفرتيتي: سيرة تفاعلية مع Gemini نفرتيتي الرئيسية القصة الثورة السلطة العائلة الغموض حوار الرئيسية القصة الثورة السلطة العائلة الغموض حوار أنا نفرتيتي: سيدة الأرضين "إنكم تعرفونني من خلال الصمت... لكن آن الأوان أن أتنفس الحياة في هذا الحجر، وأن أمنح صوتًا للروح. هذه قصتي أنا، كما عشتها." ...