#مدينة_البهائم
.........................
عرفت اسم الرواية من خلال موقف ساخر في فيلم السفارة في العمارة للفنان عادل إمام. وكان الموقف يدور في بيت أسرة من #الشيوعيين الذين يحاربون ويكافحون لأجل المساواة بين الأغنياء والفقراء.
سأل عادل إمام شاب مشغول بكتاب في يده: ماذا تقرأ؟ فأجابه بطريقة كوميدية تناسب الفيلم: "مدينة البهائم".
كنت أظن أن مدينة البهائم كتابا، ولم أكن أعرف أنها رواية، و ظننت أن الكتاب بالتأكيد يدور عن الفقراء والأغنياء وصراعاتهم الطبقية، وخمنت أن مدينة البهائم هذه هي مدينة الأغنياء، وخمنت أكثر و توقعت أنها قد تكون مثل رواية مزرعة الحيوانات ل"جورج أورويل".
قرأت الرواية متوقعا أن أقرأ ما خمنته أو أفضل منه قليلا، ولكن يا للعجب!!!! لقد قرأت واحدة من أروع ما قرأت في حياتي من الروايات _ وأنا مقل في قراءة الروايات ونادرا ما تعجبني واحدة .
الرواية كلما خطوت في صفحاتها بعض الخطوات أجدني غير قادر علي العودة، و أجدني أزداد شوقا للاستمرار في المتابعة!!! لم يكن التشويق وحده هو العامل المسئول عن هذه الحالة التي انتابتني تجاه الرواية، بل إن موضوعها المدهش و أسلوب المؤلفة و فلسفتها كانت أسباب متضافرة علي ابقائي حبيس صفحاتها والتي زادت عن مائتي وسبعين صفحة.
تبدأ الرواية في بيت بالولايات المتحدة الأمريكية، الأم اكتشف الجميع فجأة أنها مصابة بالسرطان و أنها ستحجز في مصحة للعلاج وأن الجميع سيتفرقون، وكان من نصيب بطل هذه الرواية (الكسندر / الكس) أن يذهب كي يعيش مع جدته الصارمة غريبة الأطوار، فيسافر إليها وحيدا ويعاني للوصول إليها، وعند الوصول يعرف منها أنها ذاهبة في رحلة استكشافية إلي غابات الأمازون كي تكتب تقريرا لصالح مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" المشهورة في العالم كله، وكانت ترافق بعثة من العلماء تحت الحراسة.
قامت "ناشيونال جيوغرافيك" بتمويل الرحلة لبحث عن قبيلة مجهولة في الأمازون تسكن مدينة أسطورية، وتسكن قريبا منها حيوان خرافي شاعت عنه الأخبار وعرف بين المستكشفين باسم "البهيمة"، ومنه أخذت الرواية اسمها.
يسافر اليكس مع جدته إلي غابات الأمازون وتبدأ الكاتبة وبعبقرية فذة في تصوير الحياة البكر في الغابات فتقرأ وكأنك تشاهد الغابات بنفسك، حتي أنك تقرأ الصفحات وعندما تتوقف تشعر وكأنك قد عدت من سفر حقيقي.
للكاتبة نفس روح "باولو كويلهو" _ وهي لاتينية مثله _ في روايته الشهيرة "الخيميائي"، فكلاهما _ الروايتان _ تتضمنان رحلة سفر طويلة للبحث عن شيء، الأولي في الصحاري، والأخري في الغابات.
تعرض اليكس ورفيقة تعرف إليها للاختطاف من قبل أبناء الضباب (قبيلة مجهولة في الأمازون) وينتقل للعيش معهم مدة يتعرف فيها علي أسرار الحياة الحقيقة التي خلق لها الإنسان، حياة تخلو من تعقيدات العالم المتقدم، حياة تخلو من أمراض العصر الحديث الأخلاقية والنفسية والبدنية.
في هذه الرحلة ينشغل أليكسندر بالبحث عن ذاته و عن علاج لمرض أمه الذي وجده فعلا في الغابات .. لدي قبائل الأمازون البدائيين.
تعرضت الرواية لبعض الوقائع التي حدثت في إبادة الهنود نتيجة الفساد، حيث يغزو غاباتهم المغامرون ورجال الأعمال والباحثين عن ثروات الأمازون، وقد أبيدت قبائل بأكملها بسبب جشع كل هؤلاء.
من شخصيات الرواية رجل الأعمال الاستغلالي الذي قرر أن يتفق مع الطبيبة المسئولة عن تحصين الهنود الحمر ضد الأمراض علي أن يبدل التطعيمات الواقية بفيروسات مسببة للمرض، وينكشف الأمر وينكشف ما هو أدهي .. فقد حدث من نفس الطبيبة هذا الأمر أكثر من مرة وأبيدت فيها قبائل بالمئات ظل موتهم لغزا أمام الحكومة.
الرواية تعرضت لمعتقدات البدائيين وحياتهم بعظيم الاحترام، لولا نقصي و عدم قدرتي الجيدة علي التعبير لكتبت فيها شعرا، ولو كنت اقدر أن اكتب خيرا مما كتبت لفعلت. لكن يكفي من سيقرأها أن يكون عالما بأنه لن يضيع وقته في قراءة شيء غير مفيد.
#انتظروني. مع كتاب اخر.

تعليقات
إرسال تعليق